الاثنين، 31 يناير 2011

القربه مشقوقه - حسن العجمي

سيدي خادم الحرمين الشريفين : قبل التوجيه بضخ المليارات من اجل البنية التحتية ومكافحة آثار الكوارث وتعويض المتضررين من السيول ، فإنه يجب أن تُجفِف مسارب السرق والسطو على أموال المسلمين ، يجب أن يذهب إلى مزبلة التاريخ و من ثم إلى الجحيم كل الذين امتلئت أرصدتهم وانتفخت بطونهم من المال الحرام خاصة في جدة ، وطالما هناك مجرمون يختبئون خلف حصانات وهمية وأسماء رنّانة فإنهم في كل مرة تحصل فيها كارثة ويوجه مقامكم الكريم بمحاسبتهم ، يُردِّدُون البيت المشهور:

زعم الفرزدق أن سيقتُل مِربعا //// أبشر بطول سلامة يامِربع


وهؤلاء السادة الساديُّون لهم ملامح معروفة وواضحة منها : أنهم يرتدون غتراً بيضاء ناصعة البياض تبدوا على وجوههم ملامح النعمة والإسترخاء رغم المصائب والنكبات ، قد تكون بأيديهم مسابح لذكر الشيطان ومتابعة طلباته أول بأول ، لا يردون على أي اتصال ، يقتني أبناهم سيارات فاخرة لانعرف حتى من أي ماركة ، كل واحد من اولادهم وبناتهم عنده فيلا فاخرة في شمال جدة خصوصاً ، وقد يكون مكتوب بجوارها ممنوع التصوير ، تكثر اقامة الحفلات في بيوتاتهم بمناسبة وبغير مناسبة ، بعضهم يعتقد أن دمائه زرقاء ، يُنفقون ببذخ على ملذاتهم وأهوائهم ، إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خُشُبٌ مسندة ، يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم ، قاتلهم الله أنَّا يؤفكون ، ولكنهم أقوى مما نتخيل يتكاتفون فيما بينهم ويعين بعضهم بعضاً ، لأنهم يعرفون أن سقوط أحدهم يعني سقوط الجميع ، ولذلك لم يسقط منهم احد حتى الآن ، كل الذين تم القبض عليهم ليسوا إلا أكباش فداء ، أمَّا المجرمون الحقيقيون فلا يزالون ينظرون إلى الكارثة من خلف النظارات الشمسية الفاخرة ، ليُخفوا ملامح الاستهتار واللامبالاة التي تنطق بها عيونهم الضارية .
أمّا شعبنا المسكين فمواصفاتهم كالتالي : شماغ احمر معفوس ومحطوط على الكتف ، مُتعب ومهدود الحيل يرد على الجوال مسرعاً لأنه ينتظرفي أي لحظة أي مصيبة أو نكبة من اي مكان ، يعرف كل أنواع الألم : جوع ، مرض ، حرمان من الزواج ، خسارة اسهم ،فلاش ساهر ، هدم بيتٍ بغرق أو حرق ، وإذا غرق براسه أو احترق مو مشكلة نعتبره شهيد ، أمّا سيارته فهي إما ونيت او دباب وإذا كانت أموره مصلحة تلقى معاه إما كامري أو سوناتا وإذا كانت ليكزس تلقاها موديل قديم وأقساط ، والطيب فيهم معاه كابريس 2010م غرقانة في السيل ضاع وقته المسكين بين تجميع قيمتها وبين المطالبة بالتعويض عن غرقها ، وكلهم كدادة أو مديونين ، سيدي خادم الحرمين : إحنا شعب مسكين ، منكوب ، مكلوم ، ماكل تبن ، مفقَّع وجهه من كل صوب {دون مبالغة} ، حتى انه من غير المسموح لنا أن نقول {أحْ} ولما احتج بضع عشرات من المواطنين من هول الفاجعة في جدة جائتهم القوات الضاربة وكسَّرت وجيههم وقيل للناس : صه ولا كلمة ، انتم ماعندكم وطنية؟؟؟{شكلكم تونسييين يالمخانيز}، سيدي : وأي أحد ينقل لكم صورة غير هذي فهو كذاب وما يخاف الله وما صدقكم النصيحة ، أمّا مساكن المواطنين المساكين فمعروفة ومشهورة ، ولا يمنع التصوير حولها ، وقد تناقلتها كل وسائل الاعلام في كل العالم ليس لجمال هندستها وحسن موقعها بل لأنها بيوت مستهبلة جاية وسط السيول والمستنقعات .
سيدي خادم الحرمين الشريفين : القربة مشقوقة وكارثة جدة ليست إلا واحدة من مجموعة كوارث تعم كل مدن المملكة ، فمثلاً : لا يوجد لدينا قادة فكلهم مدراء مستأجرون أو تجارٌ نهِمون ، عجائزٌ قد التوت أشداقهم وابيضت عيونهم وأكل عليهم الدهر وشرب ، قتلونا بالروتين والبيروقراطية المقيتة هم من تسببوا في مثل مآسي جدة ومآسي العاطلين عن العمل وانعدام الأمن ، وكل مصيبة في هذا البلد فهي من تحت رؤوسهم ، العالم يجري بخطوات سريعة إلى الأمام ونحن مُضطرون إلى المشي خلف من احدودبت ظهورهم وقصُرت خطواتهم ، يعتبرون برادة الدم وضعف الهمة من التوءدة والتأني ، يهربون من مواجهة الجمهور بالحقائق وتوضيح النوايا إلى التذرع بالخطط المدروسة والعمل بصمت ، يعتقدون أن كل من غضِب من الشعب ليس أمامه إلا أن يشرب من البحر ، لا يزالون يظنون أنه ليس امام الناس إلا القناة الأولى ، كلما تظلُّم أحدنا أو هُظِم حقه قالوا له {اشتك في الأمارة} حتى الإمارات ياسيدي لم تعد تُسمن ولا تغني من جوع ، إن بلادنا ياسيدي لاتنمو بشكل صحيح ، بل تنمو بشكل سرطاني دون تنظيم أو ترتيب ، سيدي إن مُعظم المسؤولين لا يأبهون بكرامة المواطن ولا باحتياجاته كل ما يجيدونه هو الاحتجاب عن المواطن واللعب على وتر الوطنية واتهام الاخرين بالحقد الدفين والخيانة وإفساد الأمن ، لقد جعلونا مجموعة من المتسولين في كل مناحي حياتنا فكل شيء بمكرمة ملكية وهبة أميرية أو على نفقة فاعل خير ، كل الشعب عايش على الصدقات ، لقد أفقدونا حب الوطن والحماس من أجله ، لقد أصبحنا لا نرغب بفوز المنتخب ولا ننظر إلى رجال الشرطة والمرور والجوازات إلّا وكأنهم شركات أمنية تجارية ذات سطوة وقوة {بلاك ووتر}، كل إنسان لابس لبس رسمي أصبح يُمثِّل لنا كابوساً مخيفاً ، حتى القضاة اصبحنا نمقتهم إلا من رحم الله ، إن مزاج البلد أصبح معكراً حتى مرحلة الغثيان ، لا يصل إلى المواطن وهو في بيته شيء من حقوقه مطلقاً ، كل ما يصلنا إلى البيت هي فواتير الكهرباء والماء والهاتف والمخالفات المرورية ، واستدعاءات العُمدة ، سيدي خادم الحرمين الشريفين {بالمختصر}كلما وجهت توجيهاً لمصلحتنا لا يصلنا منه إلا الفتات لذلك نحن الشعب السعودي نرجوك رجاءاً حاراً لا توجه بأي شيء لمصلحتنا إلا أن يكون من يدك إلينا مباشرة لأن الحرامية كثير و القربة مشقوقة .

ليست هناك تعليقات: